وفقاً لإحصاءات الجمارک الإیرانیة، فإن الواردات من الإمارات فی السنوات الأخیرة تمثل فی المتوسط 31% من إجمالی واردات البلاد. هذا المستوى من الاعتماد، خاصة على دولة الإمارات، التی تتأثر بسیاسات العقوبات الأمریکیة والمتورطة فی بعض المنافسات الإقلیمیة والمطالبات الإقلیمیة مع إیران، یعرض اقتصاد البلاد لمخاطر جیوسیاسیة.
ویخلق ارتفاع تکلفة السلع بسبب وساطة الإمارات مشاکل فی عرض السلع فی السوق المحلیة لإیران ویفرض تضخم على الواردات والکثیر من الضغوط على المستهلکین الإیرانیین.
على الضفة الأخرى، لم یشتر العراق، الذی یعرف بأنه الوجهة الأکبر لصادرات إیران غیر النفطیة، سوى نحو 580 ملیون دولار من السلع الإیرانیة المستوردة فی عام 2023. هذه الکمیة الضئیلة للغایة من الواردات صغیرة جدًا ولا تعادل حجم الصادرات، تعرض إیران لخطر خسارة السوق العراقیة. وهی سوق تم الحصول علیها عبر إنفاق الکثیر من المال والجهد من قبل التجار الإیرانیین، لتصبح مهددًا تدریجیًا بنمو أنشطة المنافسین مثل ترکیا والصین.
تبعات اقتصادیة واستراتیجیة
- انخفاض القدرة التنافسیة وخطر خسارة السوق العراقیة: الاعتماد على الإمارات وعدم الاهتمام بتطویر التعاون مع العراق سیقلل من القدرة التنافسیة لإیران فی المنطقة؛ وفی حین تعمل دول أخرى، من خلال استثمارات مستهدفة، على زیادة حصتها فی السوق العراقیة، فإن ترکیز إیران على التجارة الأحادیة الجانب وغیر المستقرة یمکن أن یدمر هذه الفرص.
- تزاید الضغوط التضخمیة: ارتفاع تکالیف استیراد السلع عبر الإمارات وتعدد الوسطاء یؤدی إلى ارتفاع السعر النهائی للسلع وتفاقم التضخم فی إیران. وهذا یقلل من القوة الشرائیة للمستهلکین ویزید من الضغوط الاقتصادیة علیهم.
- المخاطر الجیوسیاسیة والعقوبات الاقتصادیة: الاعتماد التجاری على دولة معرضة للعقوبات والنزاعات الإقلیمیة یخلق مخاطر جیوسیاسیة جسیمة على إیران. وأی تغییر فی العلاقات السیاسیة أو فرض عقوبات جدیدة یمکن أن یعرقل وصول إیران إلى السلع الأساسیة واحتیاجات الاستیراد ویضر بالاقتصاد المحلی.
ومن أجل تقلیل الاعتماد على دولة الإمارات وتعزیز التفاعلات التجاریة مع العراق، من الضروری تقدیم مجموعة من الحوافز والتسهیلات التنفیذیة للتجار والمستوردین لتسهیل مسار الاستیراد من العراق وإقلیم کردستان للبضائع التی تم إرسالها إلى إیران عبر الإمارات حتى الآن. من شأن هذا النهج أن یشجع التجار الإیرانیین على الاستفادة من قدرات العراق وتقلیل العجز فی المیزان التجاری بین البلدین.
- تخفیض الربح التجاری على الواردات من العراق: یمکن للحکومة الإیرانیة تخفیض نسبة الربح التجاری على البضائع المستوردة عبر العراق. تخلق سیاسة الدعم هذه حافزًا قویًا للتجار الإیرانیین لتورید سلعهم مباشرة عبر العراق وتجاهل الطرق غیر المباشرة لدولة الإمارات العربیة المتحدة.
- تسهیلات جمرکیة خاصة لاستیراد البضائع العراقیة: إن إنشاء طرق جمرکیة خاصة للبضائع المستوردة من العراق وتسریع عملیة التخلیص سیساعد فی جعل الواردات من العراق أکثر جاذبیة. ومن شأن تسهیل الشؤون الجمرکیة، وخاصة فی المناطق الحدودیة، أن یقلل من وقت التخلیص ویقلل التکالیف الإضافیة على التجار.
- تسهیلات صرف العملات الأجنبیة بشروط خاصة للاستیراد من العراق: إن تخصیص تسهیلات صرف العملات الأجنبیة للتجار الإیرانیین الذین یقومون بتورید السلع التی یحتاجونها عبر العراق یمکن أن یقلل تکالیف الاستیراد ویزید الرغبة فی مسار الاستیراد هذا. یمکن للحکومة الإیرانیة والبنک المرکزی تشجیع المستوردین على الاستیراد من العراق من خلال تصمیم حزم العملة والمرافق المالیة المبتکرة.
- الاستثمار فی البنیة التحتیة للنقل واللوجستیات الحدودیة مع العراق: یمکن أن یؤدی تطویر البنیة التحتیة للنقل واللوجستیات الحدودیة، بما فی ذلک المشاریع المشترکة مع العراق، إلى تقلیل تکالیف النقل وتسریع ترانزیت البضائع. إن تحسین الجادات وإنشاء مسارات نقل أکثر أمانًا ورخیصة على الحدود المشترکة یمکن أن یقلل بشکل کبیر من التکلفة النهائیة للبضائع ویزید من الرغبة فی الاستیراد من العراق.
- خلق حوافز ضریبیة وتخفیض الرسوم الجمرکیة للتجار الإیرانیین الناشطین فی العراق: یمکن للحکومة تقدیم حوافز ضریبیة للتجار والشرکات الإیرانیة التی تنشئ مکاتب أو وحدات أعمال فی العراق.ویتیح هذا النهج للتجار الإیرانیین زیادة نفوذهم فی السوق العراقیة، وتوفیر سلعهم وخدماتهم بشکل مباشر وبتکلفة أقل للمستهلکین العراقیین.
المصدر : mdeast.news